اعلانك هنا يعني الانتشار

أعلن معنا
الرأي

وطن النجوم التي انطفأت

الخرطوم: نادو نيوز

نقاط الحروف

أشرف محمد السيد-جدة

 

 

عندما تغنى الرائع جدا الأستاذ أحمد المصطفي بقصيدة الشاعر إيليا ابو ماضي وطن النجوم، وأجادها ايما إجادة، كانت معانيها السلسة تنساب إلى الوجدان بكل تؤدة وحب، تهيم بك إلى فضاء رائع من عشق تراب الوطن، الذي تعانق الروح رباه وتصفق في المنحنى، وتشد انتباهك إلى البدر وهو يذوب في حدق المها سحراً لطيفاً لينا، ويسرح خيالك رغماً عن أنفك وهو يطوف مع ذلك الفتى الجذلان الذي يمرح في الحقول، ويتسلق الأشجار دون تعب او ونى.

وقبل ان يتمادى خيالك في رحلته المنسابة مع مياه الجداول، والطيور، وبشاشة الربوع، يرتد إليك عقلك بعنف إلى واقع الوطن، وحاضره الموجع حتى الثمالة، فتجد نجومه قد هجرته بضيائها، رغم وجودها على نفس المدار، وحلت محلها شهب ونيازك، تتساقط على طرقاته وبيوته، لتحرق الجسد والروح، وتنخر في مسامات شعبه جروح تئن من الألم والقيح.

حتى الطيور التي كانت تشبع من أطراف (التَقى) بفتح التاء، لم تعد تأمن هجرتها اليه، خوفاً من الرصاص، ورائحة الدم التي تعج بها الشوارع وكل المدارج.

اما سهوله وحقوله التي كانت تتمايل فيها السنابل مثقلة بالقمح واللوز والذرة، صارت جوفاء، شاحبة المنظر، وفارغة المحتوى، لا تهدينا سوى قليل من الفُتات والفضلات.

لم يعد وطن النجوم يمنح الدفء والخبز والفرح، فقد كبلته السلاسل والاصفاد، وجثم على صدره اللصوص وقاتلي الأمنيات، ينهشون لحمه وثروته، ويضخون في شرايينه سم (التشرذم) وعقار الموت، و يزرعون في أحلام الأطفال الخوف واليأس والجوع.

والوطن يصرخ بأنين تتفطر له القلوب، نلمح على نافذة شرفاته نذرا من الضؤ والأمل بعد الظلام ، و شئ من العشم أن تبتل عروقه بالعافية بعد الأسقام، وتسري في اوصاله المتيبسة قطرات من رحيق الحياة بعد الأُوار والهُيام، ودفق من الأمل بعد القنوط واليأس والأوهام.

ستقرع طبول العز على كل ربوعك يا وطني، حتى تهتز أرضك من تحت أقدام الجبابرة والمارقين، ونعود نلتف حول مائدة العشاء بهدؤ، لا يعكره ضجيج وصخب، وسكون لا يخالجه فزع وتعب، وأمان لا يكدره إملاق ونَصب.

وسيملأ أطفالنا الشوارع بالضحكات والفراشات وزغب الامنيات، وينام الفقير ملء بطنه و هو يلتحف الدفء والفرح.

a_elsayid@yahoo.com

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى