اعلانك هنا يعني الانتشار

أعلن معنا
الرأي

”أَبكِ يا وطن“!!

الخرطوم: نادو نيوز

حديث المدنية

 

كتب :عثمان ميرغني

 

خلال الأسبوع الماضي سافر فريق نيابي وعدلي إلى الولاية الشمالية للتقصي حول مذبحة سد كجبار الشهيرة التي وقعت أحداثها في يونيو 2007، الفريق الذي يتكون من وكلاء النيابة والشرطة والطب العدلي سالت دموعهم مما رأوه في المهمة العجيبة..

 

كان الفريق يتوقع مهمة صعبة تبدأ بنبش قبور الشهداء الأربعة ثم جمع العظام التي ربما تبقت من أجسادهم بعد مرور 14 سنة على تلك الحادثة الدموية..

 

القبر الأول يضم جثماني شهيدين دفنا معاً في قبر واحد، وجد الفريق كلا الشهيدين كأنهما نائمين، أجسادهما بكل تفاصيلها حتى موقع الرصاصة في الرأس، والأعجب من ذلك الأكفان جديدة ملطخة بدماء سائلة رطبة بعد كل هذه السنوات الطويلة..

 

في اليوم التالي نبشوا جثمان الشهيد الثالث في قرية أخرى وجدوه أيضاً على الحال ذاتها، سالماً، وعندما حاولوا نبش القبر الرابع رفض والد الشهيد لأنه لن يقوى على رؤية إبنه.. هذا الأب رزقه الله بإبنه الشهيد بعد عشرين عاماً من الزواج وليس له غيره.. وقصته أعجب..

 

الإبن عمره 16 عاماً فقط، كل جريمته أن المسيرة الجماهيرية عندما مرت بالقرب منهم كان يوفر لهم الماء والسقيا، لا أكثر، يقدم الماء للمتظاهرين الذين أعياهم التعب من المشوار الذي قطعوه سيراً على الأقدام، القناص وجه إليه الرصاصة عقاباً له على سقيا العطشى في المسيرة.. فأرداه قتيلاً ليحرق قلب والديه على وحيدهما الذي انتظراه عشرين عاماً كاملة ليطل على الدنيا وليداً، ثم يعيش بينهما 16 عاماً أخرى فتغتاله الأيدي الآثمة المجرمة.

 

بالله عليكم، ما الذي كان ممكناً أن يحدث لو سارت المسيرة وعبرت عن رأي المواطنين في السد؟ هل قتل الأبرياء الأربعة بنى السد وحقق للحكومة ما كانت تخطط له؟ بأي ذنب قُتل هؤلاء الشباب الأبرياء؟

 

هي ليست الحادثة الأولى ولم تكن الأخيرة، سبقهم شهداء معسكر العيلفون، وشهداء مذبحة بورتسودان الشهيرة ثم مئات الآلاف من شهداء محرقة دارفور.. ثم مثلهم في مناطق السودان الأخرى.. في كل هذه الأحداث الجسام كان القتل مهمة سهلة. لا تكلف القاتل المجرم سوى ثمن الرصاصة.. فلا مساءلة ولا محاسبة ولا يحزنون..

 

أسوأ ما يمكن أن يحدث بعد هذه المجزرة أن يفلت المجرم من الحساب والقصاص.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى