اعلانك هنا يعني الانتشار

أعلن معنا
الأخبارتقارير

إقترحه دبكة وثناه مشاور … إستقلال السودان …صنعه الأبطال وأضاعه الأجيال 

نادو نيوز: حمد الطاهر

تمر الذكرى (68) لإستقلال السودان من داخل البرلمان، والسودان يشهد حالة إحتراب تهدد وحدته وإستقراره، بعد إندلاع حرب الخامسة عشر من أبريل بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع. 

إلا إن ذكرى الإستقلال تظل خالدة في تاريخ السودان ، باعتبارها بداية إستقلال السودان من سطوة المستعمر ، وستظل قلادة شرف لكل سوداني ومناسبة وطنية خالدة في أذهان السودانيين تضرب لها سراديق الإحتفالات علي مستوي الدولة والشعب، تتغنى بها الأجيال جيل بعد جيل .

 

يوم خالد 

 

كانت بداية المطالبة بإستقلال السودان من داخل البرلمان خلال الجلسة رقم (43) فى الدورة الثالثة لأول برلمان سودانى مداولات جلسة إعلان الإستقلال التى تمت فى البرلمان السودانى فى يوم الاثنين 19/12/1955م. وكانت تلك الجلسة خالدة فى يوم خالد من تاريخ السودان حيث تقدم خلال الجلسة التاريخية السيد عبد الرحمن محمد ابراهيم دبكة نائب دائرة بقارة نيالا غرب بهذا الإقتراح ( ان يقدم خطاب إلى معالى الحاكم العام بالنص التالى : نحن أعضاء مجلس النواب فى البرلمان مجتمعا نعلن بأسم شعب السودان إن السودان قد أصبح دولة مستقلة كامل السيادة ونرجو من معاليكم أن تطلبوا من دولتى الحكم الثنائى الإعتراف بهذا الاعلان فورا . إن اعلان الإستقلال من هذا المجلس طبيعى ومشروع وواجب وطنى مقدس بعد أن دخلت البلاد فى الطور النهائى من مرحلة الإنتقال وإننا إذ نسجل للحكومتين المصرية والبريطانية تقديرنا بوفائهما بالتزاماتهما فى إتفاقية السودان المبرمة بينهما فى عام 1953م نأمل جادين أن تسرعا بالإجابة لهذا النداء الصادر من برلمان الشعب السودانى وتعترفا بإستقلالنا الشامل وسيادتنا التامة إذ أننا نريد لبلادنا إستقلالا كاملا ونظيفا ليس لأي دولة فى العالم نفوذ تخل بكيانه أو تدخل يقلل من حقنا فى التصرف فى أمورنا وفق مصلحة السودان ، أننا نريد لبلادنا فى عهد الإستقلال حكما ديمقراطيا صالحا يضمن لجميع السودانيين من غير تمييز أو محاباة عدالة إجتماعية وتكافؤ فى الفرص يريد الشعب السودانى حكما نزيها يطمس مفاسد الماضى البغيض ويعمل على بناء أمة موحدة يسودها الإطمئنان ويعمها الرخاء حتى ننعم بثمارها وكفاحها الطويل .. يسرنى أن أتقدم بهذا الإقتراح العظيم فى هذه اللحظة التاريخية الخالدة بعد ان إجتمعت كلمة الشعب السودانى المجيد على الإستقلال الكامل والسيادة للسودان ممثلا فى إلتقاء السيدين الجليلين وتأييدهما الذى تم بعون الله ولمرضاته ومصلحة البلاد العليا فى إجتماع كلمة الأحزاب والهيئات السودانية عند هذه الغاية الوطنية الكريمة وفى هذا الإجماع الرائع الشامل لجميع أعضاء البرلمان ممثلا فى هذا المجلس الموقر على إعلان إستقلال السودان من هذا المنبر الشريف.

السيد عبد الرحمن محمد ابراهيم دبكة نائب دائرة بقارة نيالا غرب
السيد عبد الرحمن محمد ابراهيم دبكة نائب دائرة بقارة نيالا غرب

 

مباركة أهل القرآن 

 تشرف المقترح الذي تقدم به النائب دبكة بمباركة أهل القرآن وخاصته ، وأول من ثنى هذا الإقتراح التاريخى الخطير مشاور جمعة سهل نائب دائرة دار حامد غرب وهو رجل إشتهر بجمال صوته وحسنه في تلاوة القرآن العظيم باسلوب متميز أصبح اليوم مدرسة سار علي نهجها مشاهير القراء من الشباب حفظة القرآن ممن ذاع صيتهم.

 

حاضرة المجانين 

 

ولد الشيخ مشاور جمعة سهل بمنطقة المزروب حاضرة قبيلة المجانين بولاية شمال كردفان في العام 1914م.وهو ابن الشيخ الفقيه جمعة سهل جابر ناظر عموم قبيلة المجانين، وحفظ القرآن الكريم وهو صغير السن علي يد الشيخ محمد كدام. ودرس العلوم الشرعية علي يد أستاذه الشيخ محمد الزاكي. 

حرف ومناصب 

بدأ الشيخ مشاور جمعة سهل حياته كسائر أقرانه من أفراد قبيلته بحفظ القرآن في سن مبكرة بجانب إمتهان حرفة الرعي والزراعة والتجارة حيث أسس في بداياته خلوة (مدرسة) لتحفيظ كتاب الله ، وفاز بالتزكية عن دائرة دار حامد غرب بمنطقة شمال كردفان في أول إنتخابات أجريت بالسودان حيث فاز فيها بالتزكية ممثلا للوطني الإتحادي.

 

مفتش الخلاوي 

 

أختير الشيخ مشاور عضوا في المجلس المركزي خلال فترة حكم الفريق ابراهيم عبود.وعمل بالشؤون الدينية والأوقاف بكردفان وكان مفتشا لخلاوي القرآن بالاقليم وساهم بفضل الله في نشر وتحفيظ القرآن الكريم.

السيد إسماعيل الأزهري
السيد إسماعيل الأزهري

مواقف للتاريخ 

 

وعندما قرر السودانيين المطالبة بنيل إستقلالهم من قبضة المستعمر تقدم نائب دائرة البقارة عبد الرحمن دبكة بمقترح إعلان الإستقلال من داخل البرلمان حيث قام الشيخ مشاور جمعة سهل بتثنية إقتراح إستقلال السودان من داخل البرلمان عام 1955م حيث ألقى كلمة ضافية سجلها التاريخ في سجلات التاريخ الوطني وقال: ( أقدر مدى الشرف الذى يناله مقترحه ومثنيه فى جلسة كهذه سوف يسجلها فى سجل الشرف تاريخ هذه البلاد المجيد وسوف تكون حدا فاصلا بين عهد الإستعمار وعهد الحرية الكاملة والسيادة التامة والإنعتاق الذى يجعل السودان أمة بكل مقوماتها لا تستوحى فى شئونها الداخلية والخارجية إلا مصلحة الشعب وإرادة الأمة وتقيم علاقاتها مع الدول جميعا على قدم المساواة بين ند وند لا سيد ولا عبد …وأخيرا أهنئ زملائى النواب بهذا التوفيق وأهنئ الشعب السودانى بفجر الحرية الذى يطل اليوم من هذه القاعة ويصل إشعاعه إلى كل ركن من أركان السودان ليبدد الظلام ويملأ أرجاء البلاد نورا وسلاما ورخاء).

 

الإعتراف بالإستقلال 

 

تمت إجازة إقتراح إستقلال السودان من قبل أعضاء البرلمان وتواصلت الجلسة التاريخية حيث قدم السيد حسن جبريل سليمان نائب دائرة (دار مساليت جنوب) الاقتراح التالي : بما انه يتؤتب عليه الإعتراف باستقلال السودان قيام راس دولة سوداني فإنه من راي هذا المجلس أن ينتخب البرلمان لجنة من خمسة سودانيين لتمارس سلطات راس الدولة بمقتضى أحكام دستور مؤقت يقره البرلمان الحالي حتى يتم أنتخاب رأس الدولة بمقتضى أحكام الدستور السوداني النهائي كما أنه من راي المجلس أن تكون الرئاسة في اللجنة دورية في كل شهر وأن تضع اللجنة لائحة لتنظيم لعمالها . وثنى الاقتراح السيد جشوا ملوال (غرب النوير) واجيز بالإجماع.

 

صوت المعارضة 

لم يغفل السيد محمد احمد محجوب زعيم المعارضة أن يسجل إسمه فى هذا الشرف الكبير فابتدر حديثه التوثيقى، فقال ،فى السادس عشر من شهر أغسطس الماضى أصدر مجلس النواب قراره التاريخى بجلاء القوات البريطانية والمصرية عن أرض الوطن وكان قرارا بالإجماع وفى العاشر من شهر نوفمبر غادر البلاد آخر جندى أجنبى فأدرك الشعب بجميع أحزابه وهيئاته إن إستقلال البلاد التام أصبح حقيقة واقعة وإرتفعت أصوات الشعب فى كل مكان تنادى بإستقلال السودان التام ومطالبة الدولتين للاعتراف به وها نحن اليوم نتقدم بهذا الإقتراح باسم الشعب السودانى إن السودان قد أصبح دولة مستقلة ذات سيادة كاملة ونطلب من دولتى الحكم الثنائى الإعتراف الفورى . لا شك عندى فى إن الشعب السودانى شعب عظيم توفر لديه كل مقومات العظمة شعب يعرف متى يختلف وعلى ماذا يختلف كما يعرف متى يلتقى ويقف صفا واحدا فكلما إدلهمت الأمور ودهمتها الحوادث وكاد الشك يتسرب إلى نفوس الحادبين علينا وظنوا بنا الظنون وحسبونا قد تفرقت كلمتنا برزت كلمة الشعب وقوته وتقديره لمصائر الأمور واستطعنا أن نجتاز الصعاب وأن نخط سطرا فى تاريخ هذه البلاد وتاريخ أبنائها ”.

 

زعيم المجلس 

 

وتحدث السيد مبارك زروق زعيم المجلس قائلا: اخالنى ياسيدى الرئيس متكلما باسم جانبى المجلس حين اؤيد هذا الإقتراح فالجانبان اليوم وأمامهم هذا الإقتراح مجلس واحد . . أعود إلى الإقتراح الموضوع أمام هذا المجلس وأبين اننا نجلس هنا كنواب للأمة السودانية فى هذا البرلمان الذى يمثل جميع وجهات النظر فى البلاد والذى إعترفت دولتا الحكم بصدق تمثيله فى أكثر من مناسبة ومن حقنا بهذا الوصف يسندنا فى ذلك الرأى العام السودانى كله ممثلا فى هيئاته وصحفه أن نعلن الإستقلال اليوم.يجب أن تقوم دعائم السودان على أسس من الديمقراطية والعدالة وأن نواجه مشاكل السودان كرجال وأن نعرف كيف نزن ونقدر الأمور فبناء الأمم ليس بالأمر الهين فبانكار الذات وسلامة القصد وصدق العزم ونفاذ البصيرة والتعاون نستطيع أن نعوض ما فاتنا حين كانت مقاليد الأمور يصرفها الأجنبي .إن عملنا يجب أن يكون لمصلحة الشعب اولا وأخيرا وأن تحل إرادته المحل الأول وأن يكون همنا العمل على إسعاده ورفع مستواه ومحو الآثار التى خلفها فى نفسه وفى جسمه ومجتمعه الإستعمار وان نعيد له الثقة بنفسه وان نهيئ له الظروف التى يتنفس بها الحرية وتتفتح فيها أبواب الفرص أمامه وأن نعطيه الحريات التى يتمتع بها الأحرار فى كل مكان”.

 

إجازة الإقتراح 

 

ومن ثم أجيز الإقتراح بالإجماع ، وأعلن الإستقلال من داخل البرلمان بالإجماع وبعدها أعلن يوم وسمى باليوم المعين وهو 1/1/1956م

ثم كان الحديث القوى الواضح للسيد اسماعيل الازهرى فقد قال قولته المشهورة التى كانت مفاجأة لكل العالم وخاصة دولتى الحكم الثنائى وحتى المعارضة السودانية حين قال:(اليوم نعلنها داوية ومن داخل هذا البرلمان إن السودان حر مستقل بكل حدوده الجغرافية )، وكانت مبادرة جريئة حيث أعلن الإستقلال من داخل البرلمان وكانت مفاجئة اذهلت الجميع إذ أنه لم ينتظر إجابة الحاكم العام أو ردهم على خطاب المجلس بخصوص الإقتراح المقدم وإعتراف الدولتين بالإستقلال. 

 

عضوية المجلس 

 

وفي جلسة المجلس رقم (48) في دورته الثالثة يوم الإثنين 26 ديسمبر 1955 قدم السيد مبارك زروق الإقتراح التالي : أنه من راي هذا المجلس ان يكون الاتية اسمائهم أعضاء في اللجنة الخماسية لممارسة سلطات راس الدولة بموجب دستور مؤقت يقره البرلمان الحالي والسادة هم ،السيد احمد محمد صالح، السيد احمد محمد يس،السيد الدرديري محمد عثمان، السيد عبدالفتاح المغربي، والسيد سرسيو ايرو.

وقد اجيز الإقتراح بالإجماع، تقدم النائب محي الدين الحاج حمد (تقلي جنوب ) بإقتراح لقيام جمعية تاسيسية منتخبة لوضع لوضع وإقرار الدستور النهائي للسودان وقانون الإنتخاب للبرلمان السوداني المقبل، وقام النائب حماد ابو سدر (الجبال الشمالية شرق ) بتثنية الإقتراح المقدم وأجيز بالإجماع. ومن ذلك الوقت ظل هذا اليوم خالد في أذهان السودانيين تضرب له سراديق الإحتفالات علي مستوي الدولة والشعب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى