اعلانك هنا يعني الانتشار

أعلن معنا
الرأي

“المُتغِّير الخَفي” وما ادراك ما “المُتغير الخفي”

الخرطوم: نادو نيوز

كتب :الجميل الفاضل

” المُتغَّير الخفي” مصطلح غامض، أراد به الدكتور عطا البطحاني الأكاديمي المختص في علوم السياسة في ندوة امس، تفسير الحالة السودانية، وما يرشح عنها من تمظهرات، يصعب إخضاعها أحيانا لمنطق العقل، ولمعايير السياسة.
بل أتصور ان هذا “المتغير الخفي” الذي إتكأ عليه البروفسور عطا البطحاني للهرب من مأزق إيجاد تفسير علمي لبعض الظاهرات، التي لا وجود لها سوي في السودان، وفي مجاله السياسي خاصة.
ولعل اسطع امثلة السقوط في حبائل ما يمكن أن ينتجه هذا “المتغير الخفي” من فخاخ، قد جسده حال سفير الولايات المتحدة، في منتصف ستينات القرن الماضي “ويليام. ام. رونتري” الذي راهن على قوة نظام عبود في برقية بعث بها قبل يومين فقط من اندلاع ثورة أكتوبر المجيدة، ثم عاد ببرقية أخرى اقر فيها بسقوط النظام الذي وصفه في غضون شهر واحد بأنه قوي ومستقر.. لترد عليه الخارجية الامريكية متسائلة في حيرة، اي البرقيتين صحيح؟.
ليجيب السفير خارجية بلاده، بجواب أعجب من سؤالها:(نعم كلا البرقيتين صحيح).
كلا البرقيتين صحيح.. لأن متغيرا خفيا، قد طرأ فكان له مفعول السحر علي سلوك شعب، أضحي بمقدوره أن يسبح خارج الطقس، وأن يكسر كافة قواعد المألوف والمعتاد.
انظر كيف لخص السفير رونتري، الذي القمه متغيرنا الخفي حجرا، رأيه حول ثورة أكتوبر المجيدة في برقية بتاريخ ١٥ نوفمبر سنة ١٩٦٤، للخارجية الأمريكية قائلا: “ثورة، أو غير ثورة، لقد فقدنا صديقا في شرق أفريقيا، زار الولايات المتحدة، واستضافه الرئيس كينيدي في البيت الأبيض.. وتعاون معنا في جوانب كثيرة من جوانب سياستنا في أفريقيا.. ويضيف السفير بحنق لا يخفي، علي هذا المتغير الخفي، او على ما تبعه من تغيير جهير حدث في أكتوبر (٦٤): ثورة، أو لا ثورة.. كان عبود رمز استقرار استمر ستة سنوات، لم يكن ديمقراطيا، لكنه كان حاكما فعالا، نفذ مشاريع كثيرة.. الي ان يقول السفير ويليام : بطبيعة الحال يظل السودانيون يبتهجون بالحرية التي حرموا منها لست سنوات.. وبطبيعة الحال، يواجهون مشاكل الحرية.. خاصة حرية جاءت فجأة.. وخاصة في بلد فقير، تعصف به الخلافات القبلية.. وينهي سفير الستينات الأمريكي برقيته بقوله: الوقت لا زال مبكرا للحكم على مستقبل السودان بعد ثورته الشعبية.. لكن يبدو أنه لن يشهد استقرارا سياسيا خاصة بسبب مشاكله الاقتصادية والقبلية سالفة الذكر”.
المهم والي يومنا هذا، فأن شعب السودان، ظل لهذه الخصيصة التي يتفرد بها، شعب مختلف متقلب الأطوار، “صعب المراس”، يصعب التنبوء بتصرفاته على مر التاريخ قراءة و توقعا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى