بشفافية
كتب: حيدر المكاشفي
من ثراء وغناء أمثالنا الشعبية، أنها حتى ذيل القرد ألحقته بقاموسها، فإذا قال لك أحدهم (مسكوك ضنب الككو)، فذلك يعني أن من جعلك تمسك ذيل القرد قد نجح في إلهائك بشئ لا فائدة فيه، ولا تستطيع السيطرة عليه تماما، كما لا تستطيع أن تفلته من يدك، وإنما ستظل هكذا ممسكا به تدور مع (الككو) أينما دار، فتبقى (محلك سر) تمارس الدوران داخل حلقة دائرية..بدا لي أن هذا الحال، حال من أمسكوه (ضنب الككو) هو ما عليه حال الناظر ترك بعد توقيع المصفوفة المحدثة لاتفاقية، سلام جوبا، اذ وقعت أطراف مسار شرق السودان الذي يناصبه ترك العداء، على المصفوفة المحدثة، مما يعتبر ضربة قاضية للناظر ترك وجماعته الذين سعوا بخيلهم ورجلهم لالغاء المسار وجعلوه قضيتهم المركزية التي دونها خرط القتاد، بل أن ورشة جوبا تجاوزت عمليا حتى قضية تعليق المسار، ولم تشر الوساطة الجنوبية من بعيد أو قريب إلى الموقف من مسار الشرق، وكان لافتا حضور كل أطراف السلام بمن فيهم قيادات مسار الشرق وتوقيعهم على المصفوفة الجديدة بحضور قادة الجيش، وقالت قيادات من الموقعين على المسار، إن التعليق قرار سياسي لا علاقة له بتنفيذ الاتفاق، وأكدوا ضرورة تنفيذ البنود الواردة في المسار، المتعلقة بإعفاء طلاب شرق السودان من الرسوم، ومشاركة أبناء الشرق بنسبة 14 في المائة من الخدمة المدنية، بجانب نسبة الاقليم في عائدات الذهب والموارد الأخرى، وتخصيص أكثر من 300 مليون دولار للتنمية في الشرق، فيما لا يزال ترك ومجلسه يرددون موال رفضهم القاطع لمسار شرق السودان ويعلنون مقاومتهم للمصفوفة المحدثة لتنفيذه، ويغازلون الثوار بأن مسار الشرق يوفر مدخلا لعودة منسوبي النظام البائد..
خلاصة القول أن الناظر ترك وجماعته الذين بذلوا جهدا كبيرا لأجل إلغاء مسار الشرق من اتفاقية سلام جوبا، قد حصدوا الحصرم ومسكوا ضنب الككو، رغم أن ضنب الككو يصعب مسكه، ومن يحاول أن يمسك به يجد نفسه لم يمسك بشئ غير السراب، ولم يورد ترك هذا المورد سوى أفعاله الخرقاء والمتناقضة والمتقاطعة التي أضرت بقضية الشرق ولم تفدها في شئ، وكذلك شتارته وتنشينه الخاطئ على الهدف على طريقة النيران الصديقة، فالسيد ترك لم ينضم فقط للكتلة الديمقراطية، بل تسنم فيها منصب نائب الرئيس،
في الوقت الذي كان يحتم عليه أن يناصبها العداء من أجل قضية شرق السودان التي صدع الرؤوس بادعائه أنه المقاتل الشرس من أجلها، وأن الغاء مسار الشرق المضمن في اتفاقية جوبا دونه خرط القتاد، علما بأن جماعة (الكتلة الديمقراطية) التي ينوب عن رئيسها ترك، تستعصم وتستمسك بهذه الاتفاقية مسك الكفيف للعصا، وتؤكد وتصر الحاحا بأن الاتفاقية خط أحمر وغير مسموح بالغاء أو حذف شولة منها، مع أن الطرف الآخر الموقع على، لاتفاق الاطاري ينص في الاتفاق على مراجعة الاتفاق..وعليه اما ان يكون شيخنا ترك بهذا التصرف قد أمسك بالفعل ضنب الككو، أو أنه يتخذ من قضية الشرق مجرد تكتيك وستار يهدف من ورائه خدمة أجندة أخرى لا علاقة لها بالقضية.