اعلانك هنا يعني الانتشار

أعلن معنا
الرأي

الوطن يموت تحت سنان القلم

نقاط الحروف

أشرف محمد السيد – جدة

 

معروف أننا كشعب سوداني تحكمنا عواطف جياشة، ومشاعر هادرة، وأحاسيس صاخبة بلغ منها الفوران حد إحتمال دواخلنا وبراحاتنا الممتدة، غذيناها حتى إستحكمت في كل تفاصيل حياتنا، نبدأ يومنا في صراع مع أنفسنا يتجاوز عدم الرضا الداخلي، ونسمح لمشاعر القلق والغضب أن تنهش جذور الراحة فينا وتلغ من عصارتها حتى الثمالة.
نحن شعب نبدأ تعارفنا بالتصنيف القَبلي واللون السياسي والميل الرياضي، حتى نفرد عضلات الخلاف ونقتل عمداً جمال التنوع والاختلاف، نطالع اخبار الصحف التي نعرف صبغتها السياسية التي تتماهى مع معتقداتنا بكل رضا مهما كانت مجانبة للحقيقة ومجافية للعقل ومناوئة للمنطق، ونطالع شذراً لكل رأي مخالف لنا على أنه خطيئة وجب التكفير عنها مهما كان يلامس الواقع ويعكس الصدق.
خلافاتنا التي يطغى عليها الصوت العالي على أنه هو الحُجة الدامغة، هو السبب الرئيس وراء استحالة توافقنا إلى أرض سواء، واتفاقنا إلى رأي رشيد، الاستعلاء الداخلي والتعصب الأعمي لأفكارنا هو الصخرة الكؤود التي وضعناها عمداً في طريق وحدة وطننا وتوحيد جهودنا.
ننجح خارج وطننا كأفراد، ونفشل داخله كفريق وجماعات، لا تقبل بالقيادة وكأننا قطيع من الخيول الأصيلة الجامحة، لا نرضى بعنان، ولا نقبل بلجام، طاعة التعليمات في اعتقادنا ضعف ومهانة، والانصياع للاوامر في مفهومنا مذلة ورخاوة، لا نرضى ببديل لأنفسنا مهما طالت فترة (الكنكشة) على كرسي القيادة.
تركيبتنا السياسية في منتهى الغرابة، طابعها الأساسي هو الخلاف، والخلاف المطلق الذي تفرقه المصالح الشخصية ولا يجمع نقيضه حب الوطن، ربما كان الوطن موجود كاسم وشعار حتى في مداخل الأندية الرياضية، ولكنه كفعل راشد وممارسة واعية فهو مفقود.
نحن في حاجة لاعادة ضبط المصنع لمزاجنا السوداني، أو التركيز بقوة على تنشيئة اجيالنا القادمة على التربية الوطنية الحقيقية وغرس فضيلة حب الوطن بمعناه العميق الذي يتجاوز شعارات الاغاني الوطنية وينعكس إيجابياً في سلوكنا واخلاقنا وإعطاء الوطن حقه ومستحقه، ولن نصل مرحلة الوطنية الراشدة ما لم نتوقف عن لعن الوطن وسب ماضيه، والاستماع إلى الرأي الآخر بوعي وعقلانية دون التطرف في الخلاف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى