بشفافية
كتب :حيدر المكاشفي
أذكر أن زميلنا وحبيبنا المرحوم الصحفي هاشم عثمان طيب الله ثراه، كتب مرة ما مفاده أن شخصا قال لصاحبه، يا أخي زولك الجبتو لي ده اتجاه واحد ما (تفتيحة) وكلامو كتير ومتفلسف وعامل لي بتاع مبادئ ودغري، الزول ده ما بنفع معاي في شغلنا ده، نحنا ناس المنقة والأنناس، أنا داير لي زول أقول ليهو عندك كم أضان يقول لي (تلاتة) أضنين وأربعة عيون يعني زول (ملولو) شفت كيف..تذكرت مواصفات هذا الزول الملولو التي حكى عنها المرحوم هاشم
بعد قراءتي لبيان وزارة الداخلية الذي جاء على طريقة ذلك الطالب الفاشل، الذي فاجأه سؤال في الامتحان عن سياسة بسمارك الخارجية، بينما كان قد ذاكر جيدا سياسته الداخلية، فكتب دعونا من سياسة بسمارك الخارجية ولنتحدث عن سياسته الداخلية، وهكذا فعلت وزارة الداخلية في بيانها الذي سنأتي عليه..
راجت خلال اليومين الماضيين اتهامات خطيرة وكبيرة لوزير الداخلية المكلف عنان ومدير الشرطة، ومؤدى هذه الاتهامات المتداولة بكثافة، أن عنان (قريب البرهان)، أقال مسئول الجوازات في السفارة السودانية في واشنطن وهو برتبة عميد شرطة، وعمد الى ترقية زوج ابنته نقيب شرطة الي رتبة رائد و نقله الي جوازات السفارة السودانية بواشنطن محل العميد الذي تم فصله، ونقل زوج ابنته ابنته نقيب شرطة الي رتبة رائد و نقله الي جوازات السفارة السودانية بواشنطن محل العميد الذي تم فصله، ونقل زوج ابنته الثاني ايضا وهو ضابط شرطة برتبة صغيرة الي السفارة السودانية في الامارات كضابط جوازات، كما الحق ابنته بشرطة الجمارك وخصص لها شقة في مساكن ضباط الشرطة، رغم أنف القوانين التي لا تمنح الضباط النساء في الشرطة حق السكن، لكن تم استثناء ابنته..ولكن بدلا من أن ترد الداخلية وقيادة الشرطة على هذه الاتهامات الواضحة والصريحة وتفندها بندا بندا وتنشر في مقابلها الحقائق، اذا بها تتعمد تجاهل هذه الاتهامات تماما ولم تأتي على ذكرها في بيانها، وأصدرت بيان أقل ما يوصف به أنه يثير من الاسئلة أكثر مما يقدم اجابات، ويفجر المزيد من الاتهامات بدلا من ان يدحض الاتهامات القائمة، اذ جنح البيان الى منحى آخر يحتشد بالعموميات والآيات والاحاديث، ثم عرج للحديث عن ما تقوم به وزارة الداخلية ورئاسة قوات الشرطة من إجراءات وقرارات مستندة علي مؤسسية ولجان وتحكمها معايير ومباديء وفق للقانون واللوائح والأوامر والمنشورات، ولم ينس البيان ان يذكرنا بماضي مؤسسة الشرطة العريق وارثها التليد وخبراتها التراكمية وعمرها المديد الذي بلغ116 عام، (في حين ان الاتهامات تتناول واقعها الحاضر الآن)، ويصف البيان ما أثير
(دون ان يسميه) بالصراخ والعويل والولوة من لوبيهات وشلليات صاحبة الصوت العالي وتبادل المصالح وتزوير الحقيقة التي لا تصمد امام الحق مهما طال الزمن، الى آخر مثل هذا الكلام الانشائي المعمم، وبالطبع لم ينس البيان توعد من قال فيهم إننا نعلم دوافع هذا المخطط ومدبريه وسنتخذ ما يلزم من إجراءات قانونية تجاه اصحابه وتقديمهم للعدالة.والغريبة ان خاتمة البيان كانت الآية الكريمة (ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا، ربنا ولاتحمل علينا اصرا كما حملته علي الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به، واعف عنا، وأغفر لنا، وارحمنا، انت مولانا فانصرنا علي القوم الكافرين)..مع انهم تعمدوا نسيان الاتهامات وأخطأوا بعدم تفنيدها..