بشفافية
كتب : حيدر المكاشفي
لم يكن السودانيون وخاصة المراقبون والمتابعون للأحداث، في انتظار تقرير يصدره فريق خبراء أممي، حتى يعلموا عن تورط الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، في ممارسة أنشطة إجرامية عديدة بينها تهريب الأسلحة والمخدرات إلى السودان، فذلك ما يعايشونه واقعا على الأرض، على قول المثل (الجمرة بتحرق الواطيها)، فأيما مراقب يستطيع ببساطة أن يحصي عشرات التفلتات والجرائم التي ضلعت فيها وما تزال بعض قوات حركات الكفاح المسلح، لتتحول الى قوات للنهب والتهديد المسلح، بل أنها كل مرة تضيف فنا جديدا من فنون التفلت وهمبتة المال، من ذلك ما كشفته المجتمعات المحلية المتأذية من هذه الممارسات، بنصب الحركات لمراكز احتجاز واقامة نقاط تفتيش لجمع الأموال من التجار والمدنيين والسيارات العابرة، وخاصة في مناطق شمالي وغربي دارفور التي شكلوا فيها حضورا كبيرا، وتشير أصابع الاتهام في هذا الخصوص، لحركتي مناوي والهادي ادريس اللتين درجتا على اعتقال المواطنين والمساومة بهم للحصول على أموال على سبيل الفدية، ولم تحرك الشرطة ساكنا رغم ابلاغها بهذه التعديات والخروقات القانونية، والشاهد في كل هذه التعديات أن قيادات هذه الحركات (فكتها عكس الهوا)
كما يقول الشباب بعد ان استوطنت الخرطوم وتوطدت في مناصبها السلطوية، فلم تجد هذه القوات من سبيل لتدبير أمر معاشها ومصروفاتها الاخرى، غير ان تنهب وتسلب وتتوسع وتتمدد في مناطق وجودها خارج نقاط التجميع المنصوص عليها في اتفاقية السلام، التي قضت بأن تكون قوات الحركات بعيدة عن المدن والسكان تمهيدا لتنفيذ الترتيبات الأمنية (المتعثرة)..ما ورد أعلاه يكفي ليدلل بوضوح على أن هذه القوات ليست سوى مليشيات فوضوية، وغير مدربة أو معدة لأداء مهام فرض القانون، وليست قوات نظامية منضبطة، ومن هنا تأتي خطورة هذه المليشيات التي ما تواجدت داخل المدن وتمددت في مناطق واسعة، الا بعد توقيع قادتها لاتفاق السلام، ولكنها للمفارقة بدلا من ان تعمل على نشر الطمأنينة وبث ثقافة السلام واحترام القانون، اذا ببعضها يعمد للسلب والنهب واستخدام قانون الغاب وممارسة الهمجية.. وتؤكد هذه الوقائع المؤسفة حقيقة المخاوف التي أبداها المراقبون والحقوقيون والمنظمات الحقوقية والخبراء الامميون، من أن ترتكب هذه المليشيات العديد من الانتهاكات والتعديات، لجهة أنها ليست قوات نظامية منضبطة ومدربة التدريب الكافي، وما يؤسف له أكثر أن قادتها لم يفعلوا شيئا للجم تفلتات وتعديات قواتهم ، وكأنها لا تعنيهم في شئ بعد أن اصابوا نصيبهم من المناصب والمحاصصات، وهذا وضع اذا ما استمر على حاله هذا فالمؤكد ان القادم أسوأ، وهذا ما يفرض الاسراع في تنفيذ بند الترتيبات الأمنية بدمج من يصلح للخدمة العسكرية في القوات النظامية وتسريح من لا يصلح، فالخطورة كل الخطورة أن يبقى وضعها على ما هو عليه الآن، ولكن المؤسف ان بعض قيادات هذه الحركات (جبريل ومناوي)، هم من يعاكسون العملية السياسية المفضية الى انهاء الانقلاب وتكوين حكومة مدنية ذات مصداقية التي اشترط المانحون تكوينها لاستمرار دعمهم الذي يمكن من تنفيذ برتكول الترتيبات الامنية، والى أن يحدث ذلك يبقى على كل قيادات هذه الحركات أن يلجموا تفلتات جماعتهم ومحاسبة المعتدين والمتفلتين لايقافها عند حدها..