اعلانك هنا يعني الانتشار

أعلن معنا
الرأي

شكرا عميقا بروف منديل

الخرطوم: نادو نيوز

نقاط الحروف

 

أشرف محمد السيد – جدة

 

ما أن تتبادر إلى ذهني فكرة لأكتب عنها حتى تتقافز امامي صورة الوطن وحال أبنائه، تأتي الصورة بأجزاء صغيرة وتفاصيل دقيقة، تتنامى وتكبر حتى تحتل كامل المشهد..

الكتابة عن الوطن مثل شهيق الأمنيات وزفير الآهات، تكبل أطراف الحديث وتضخ في مساربه الهموم والاوجاع، ليس ذلك بفعل الغربة القاسية وصقيع آلامها ولكنه حب ينؤ به الخاطر.

تابعت مشدوها لقاء مع البروفيسور صلاح حسين منديل في برنامج مساء جديد بثته قناة النيل الأزرق يوم السبت الماضي، كان اللقاء مشحونا بوجع (الغرباء)، و البروف منديل يشغل حاليا منصب كبير مستشاري الصحة الإلكترونية في منظمة الصحة العالمية، وفي ذات الوقت هو رئيس مجلس جامعة النيلين، وكما انه يحمل قناعة تامة ان الحياة سلسلة من الحوادث (Life is a series of accidents ) فقد قاده خطاب القاه عن الصحة الإلكترونية في حضور الدكتور الدنماركي مالار المدير العام الأسبق لمنظمة الصحة العالمية، قاده هذا الخطاب إلى أن يدعوه الدكتور مالار شخصيا ومباشرة ليعمل في المنظمة، وعلى الرغم من ارتباطه في ذات الوقت بالعمل لدي شركة IPM العملاقة الا انه فضل العمل لدى المنظمة خاصة أن الدكتور مالار انتظره لأكثر من عام.

و المعروف أنه مؤسس قسم تطبيقات تقنية الكمبيوتر والإتصالات في الحقل الصحي (الصحة الإليكترونية أو eHealth) بالمنظمة، وعمل مديراً لها، ومستشاراً بالإتحاد الدولي للإتصالات بجنيفا، كما تم إنتخابه في فبراير ٢٠١٧ رئيساً لمجلس العلماء والخبراء السودانيين بالخارج، وهو من مؤسسي مجموعة جنيف التي تعتبر نواة لمجلس العلماء و الخبراء السودانيين العاملين بالخارج و التي تضم الخبرات و الكفاءات السودانية ، وله إنجازات وطنية منها إدخال نظام التطبيب عن البعد (Telemedicine) في السودان، ولا يزال له إنجازات وخدمات في مجال الصحة الإلكترونية.

نقطتان لم أستطع تجاوزها في هذا اللقاء، الاولي اشارته وتلميحه لسبب هجرته من السودان (السياسية) وعدم تصريحه بذلك، وهذا بلا شك قيض من فيض هجرة العقول السودانية الذين ما زالوا يبحثون عن وطن يرسموا على جدرانه لوحات ابداعهم ويدفنوا في ازقته بعضأ من همومهم.

النقطة الاخري حديثه عن سبب وقف نظام التطبيب عن البعد الذي اسسه في السودان بعد جهد مضني مع مجموعة من المهندسين عملوا معه لسنوات من أجل تأسيس هذا النظام ، والذي هو باختصار ربط عدد من المستشفيات في بعض المدن مثل الدمازين وكسلا وكوستي ونيالا بمستشفي الخرطوم من أجل عرض الحالات المستعصية من الريف على اكبر الاختصاصيين في المجال للمساعدة في العلاج لمدة ساعتان يوميا حتى وصلت عدد الحالات إلى ما يقارب المائة حالة يوميا، وللأسف كحال كل الأشياء الجميلة في وطني تم ايقاف هذه الخدمة بمجرد تغيير وكيل الوزارة، وهذا (الجهبوز) قرر ان تستفيد الوزارة من الأجهزة من أجل تجديد رخص الاطباء.

بكل بساطة وغباء يقرر هذا العبيط وقف نظام يخدم اكبر شريحة من المرضى دون أن يتفتق عقله (المليان وهم) عن حل غير إيقاف نظام بذل من أجله الغالي والنفيس.

ولكن لا غرابة ولا عجب في ذلك، آلاف القصص تحكي عن مثل هذه المواجع التي يقف من ورائها دائما مسؤول لا يملك من المؤهلات سوي السادية وكثير من الغباء..

وأشد ما زاد الوجع بكاء البروف عندما تحدث عن أن الشباب (المطرودين قسرا) ما زالوا يحبون الوطن.

نقطة اخيرة: عندما سأله احد (المسؤولين ) (ماذا تريد حتى تعود إلى الوطن) فاجابه (السؤال نفسه خطأ) واتمني ان يذهب أبنائنا إلى مدرسة يكون المعلم فيها مطمئن البال، يذهب بسهولة إلى المدرسة ويترك في المنزل مصاريف تكفي لحياة كريمة.. (وكلنا ذلك الرجل)..

a_elsayid@yahoo.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى