كتب : إبراهيم عربي
أخيرا أصدر والي غرب كردفان خالد جيليه قراره الأول للعام 2023 أعلن بموجبه حالة الطوارئ في كل أنحاء الولاية إعتباراً من أمس الإثنين 27 فبراير الجارى لمدة شهر قابلة للتجديد ، القرار جاء وفقاً لتوجيهات رئيس مجلس السيادة إستنادا علي الوثيقة الدستورية المعطوبة والتي لازال الجدل يدور حولها ، مما يعقد ازمة الحكم في المنطقة ..!.
فلا أدري هل الوضع الإداري لغرب كردفان هي إقليم وجزء من مسار المنطقتين سويا مع رفيقتها النيل الأزرق صاحبة الإمتياز وجنوب كردفان التي أقحمت فيها (سمبلة ..؟!)، أم هي ولاية قائمة بذاتها ولها دستورها وأن ما يثار بشأنها مجرد (همبتة ..!) وبالتالي ما هو وضعية آدم كرشوم نائب الحاكم فيها ..؟!وماذا يقول المهندس محمد كرتكيلا وزير ديوان الحكم الإتحادي ..؟!، الذي ظل يكاد العنت والمشقة عكس التيار لتنفيذ مسار المنطقتين ..!.
في اعتقادي كان الأوفق علي الجنرال البرهان إقالة الوالي خالد جيليه الذي أصبح يشكل عبئا ثقيلا علي الولاية وهو غائبا عنها لأكثر من شهرين قضاها بالخرطوم سويا مع رفيقه الآخر والي شمال كردفان فضل الله محمد علي التوم الذي ستتأثر ولايته بالتفلتات الأمنية سبب إفرازات تطبيق قانون الطوارئ في جنوب وغرب كردفان ..!، مع الأسف الشديد تزامن حضور جيليه لولايته مع مقتل مواطن ونهب موتره أمس بسبب سرقة أبقار في ذات منطقة أبو جفالة والتي ظلت تشهد أحداثا قبليا منذ فترة ويتوقع أن يتطور الوضع للأسوا إن لم يستحسن تطبيق قانون الطوارئ بالتنفيذ وبالجدية اللازمة .
وقد ظلت ولاية غرب كردفان أسيرة لتفلتات أمنية كانت كفيلة بإعلان حالة الطوارئ فيها باكرا لا سيما الأحداث القبلية المتتابعة الدامية في ظل فشل وعقم جهود لجنة المصالحات بالولاية ، وأحداث النهب المسلح التي لم تبارحها لحظة علاوة علي الإحتجاجات وقفل الطرق والتخريب الذي طال بعض آبار البترول والتي تتميز بها غرب كردفان دون غيرها من ولايات السودان ، وكان آخر هذه الظواهر تلكم الأحداث القبلية الدموية المؤسفة بين مكوناتها (المسيرية وحمر) بسبب ترسيم الحدود للفصل في نزاع حول الأرض في محلية أبوزبد راح ضحيتها نفر عزيز من المجتمع وحرق ونهب ممتلكات عامة وخاصة ، وليس ذلك فحسب بل جاءت أحداث لقاوة والتي لازالت تراوح مكانها منذ إكتوبر الماضي أكبر أزمة هزمت نموذجا للتعايش والتساكن بالمنطقة وكانت لوحدها كافية لإقالة الوالي باكرا وإعلان حالة الطوارئ ..!.
فلا أدري لماذا ظلت لجنة أمن الولاية تغض الطرف عن إحتجاجات الأهالي المستمرة منذ فترة طويلة يطالبون بالوظائف لأبنائهم بشركات النفط العاملة في المنطقة ، ومطالب نحسبها مشروعة عن مستحقات تنموية وخدمية مطلوبة وفقا للمسؤولية الإجتماعية ، رغم أن هذه الأحداث والإحتجاجات المستمرة ظلت تتصاعد وقد أحدثت عمليات تخريب في آبار البترول وإعتداءات مسلحة عليها ..!.
فلماذا جاء إعلان حالة الطوارئ الآن هل بسبب ذات الإحتجاجات المطلبية التي نظمها تجمع العاملين بقطاع النفط بالولاية فأدت لإغلاق المقر الرئيسي لشركة بتروانرجي للبترول ومطار بليلة فأحدثت أعمالا تخريبية طالت عدد من آبار النفط ، أم جاءت تحوطا في ظل المساجلات بين قادة الجيش والدعم السريع بالمركز في ظل التهديدات التي أطلقتها جماعة عبر مواقع التواصل الإجتماعي تتوعد بأحداث دموية في غرب كردفان ..!.
المراقب يجد أن غرب كردفان أصلا تصنف بإنها ولاية أزمات ..!، وهي ولاية ظلت تعيش منذ تأسيسها في العام 1994 فوق صفيح ساخن ..! تحمل في جوانحها تناقضات سكانية جمعت بين (دار المسيرية ودار حمر ومنطقة لقاوة) ، وقد ولدت ولاية مواجهة للتمرد الذي إندلع في جنوب السودان في العام 1955 ولحقت بها جنوب كردفان / جبال النوبة لاحقا في العام 1984 والتي كانت تتبع لها منطقة لقاوة نفسها .
وليس بعيدا عن ذلك فقد جعلت خصوصية غرب كردفان أن يصبح شبابها أسبرا لتوجهات الحكومة لتوصيل المعينات والمعدات والآليات عبر القطار لجنوب السودان ، وللك تم تجنيدهم لذات الغرض كقوات غير نظامية ومنها إنطلقت بذرة الدفاع الشعبي فيها حتي تجاوز تعدادهم (مائة) ألف مجند لهذه المهمة جاءت خصما علي تعليمهم ..!.
غير أن الحرب في الجنوب ورفيقتها جبال النوبة جعلها جزء من دائرة الحرب فولد لواء الدبب يتبع للحركة الشعبية (شمال) وبسبب لقاوة جعلت منها إتفاقية نيفاشا للسلام 2005 كبش فداء فتقسمت غرب كردفان بين شقيقتيها شمال وجنوب كردفان ، وكانت تنتظر من الإتفاقية معالجة وضعها للأفضل ولكن مع الأسف جاءت بالأسوأ حيث إنطلقت منها حركات مسلحة (شمم ، شهامات ، كاد ، العدل والمساواة وغيرها) ، وبل أصبحت المنطقة بؤرة للتفلتات وأصلا المنطقة تعاني أزمة أبييي والتي يعتبرها البعض برميل بارود ..!، وقبل كل ذلك غرب كردفان ظلت تعيش في نزاعات قبلية داخل مكوناتها وبل في داخل بطن البيت الواحد ..!.
في إعتقادي أن كل ذلك عقد الاوضاع في غرب كردفان ، وربما الأحداث فيها تكون مقصودة لذاتها كمنطقة بترولية حيث تتقاطع فيها المصالح الإقليمية والدولية ، ولا يستبعد أن يكون التصعيد الأخير فيها مقصود بها الحكومة المركزية مثلما كشف بعض السياسيين أنهم يسعون للتضييق علي الإنقلابيين لخنق إيراداتها ومنها البترولية والمعدنية والميناء في بورتسودان .
ولذلك اعتقد أن قانون الطوارئ سيعقد الأوضاع مالم يعقبها رئيس مجلس السيادة بخطوة أخري إقالة الوالي خالد جيلية وتعيين حاكم عسكري للولاية ..!.
الرادار .. الثلاثاء 28 فبراير 2023 .