كتب :عثمان شبونة
هذا الموت (الساهِل) لا يمنح البشر العظة وكأنهم جماد.
في الوقت الذي ينتشي فيه الخلق ببهجة الحفل يأتي أحدهم بكل زهو النفس الغافلة ليحوِّل ضوء الفرح إلى ظلمة شديدة السواد.. أو كما يحدث مِراراً في أعراسنا.
* يمكن أن تتخيل مشهد الشخص الذي يحمل السلاح في أي مناسبة وسط الحشود؛ وكأنه قدَر مسلّط على الناس؛ ولابد أن يمتحن صبرهم..! كما يمكنك أن تتخيل اللحظة التي اخترق فيها الطلق المطاطي وجه زميلنا الذي يستحق شهادة (الصبر على الأذى) وهو المصاب تكراراً في مواكب الثورة السودانية.. إنه الصحفي علي فارساب.. كادت أن تحوله الرصاصة في فرح شقيقه إلى جثة قبل يومين؛ ليكون أحد ضحايا الغباء قبل الخطأ..! وإذا جاز لنا إطلاق سؤال عميق بعيد عن ظاهر المفردات ـ نتساءل: ما علاقة صوت السلاح بالفرح؟! ناهيك عن فتكِه..! ربما يرى البعض هذا السؤال غريباً أو مستنكراً لسبب يرتبط بالكلمتين المشاعتين: (عادات وتقاليد)! فالبعض يرى المسائل بالإعتياد كأنها (فروض)! وأهلنا ــ خصوصاً البسطاء منهم ــ ينظرون إلى السلاح بصوته الملعلِع وكأنه تتميم لأفراحهم.. أو.. هكذا (عادات وتقاليد)! وهي في الحقيقة ابتداعات سخيفة بغير أنها مخيفة عندما يكون الأثر على أجساد العشرات أو المئات مثل الصديق فارساب؛ فتنقلب المناسبة السعيدة إلى أخرى نقيضة تماماً.. لماذا؟! لأن شخصاً لم تسعف عقله كل السوابق الحزينة المؤسفة تحسباً للإحتمال الأسوأ.
داخل عربة؛ ونحن في طريقنا لرؤية (المصاب) قلت أنه لا رادع أفضل من قانون مشدد لمجابهة (قتلة الأفراح)؛ لكن زميلنا أحمد يونس قال: في هذا السودان؛ فإن القانون ــ رغم وجوده ــ لن يوقف استخدام السلاح في الأفراح وسقوط الضحايا.. أحمد يرى المسألة بأنها ذات بعد اجتماعي متوغل لبعيد وتلزمها معالجات مجتمعية بغير القوانين..! بعدها انشغلنا بالإطمئنان على زميلنا.. فماذا يرى القارىء قبل السماع مجدداً عن فرحة موؤدة بعيار مطاطي رخيص؟!
أعوذ بالله.
———
الحراك السياسي – الأحد.