نقاط الحروف
أشرف محمد السيد – جدة
لم يكن حديثي السابق عن تطور الاذاعات (ودوداً) ولا يحمل كثيراً من مؤشرات الرضا، بقدر ما كان يميل بكفة الإعجاب نحو فترة زمنية ذهبية كان يعمل بها عباقرة المايكرفون الذين تميزوا بفخامة الأداء وتفرد الصوت وسرعة البديهة والتجويد والذكاء والثقافة والكثير من الصفات المطلوبة والغير اساسية في مواصفات المذيع، حتى أن كبرى إذاعات العالم (تخطفتهم) لتصنع منهم امجادها وتاريخها.
كان الولاء والحب منقطع النظير، قل أن تجد مثيل له أو مشابه، فلم يكن العمل بالإذاعة مهنة للاسترزاق بقدر ما كان هواية وعشق خرافي لكل تفاصيلها.
أهم ما يميز الإذاعة التي تفرد باختراعها الإيطالي الفيزيائي جاليلو ماركوني أنها تستعمل طرق التأثير المختلفة على عاطفة المستمع من مؤثرات موسيقية وصوتية، وهي تغذي الخيال وتترك مساحة التفرد بتصور التفاصيل في أحداث مسلسل أو فيلم اذاعي أو مجريات مباراة.
لا شك أن للتطور الذي يشمل زيادة رقعة الاستماع أو زيادة مساحة تخزين المواد أو نقاء البث أو جودة المؤثرات السمعية له الكثير من الإيجابيات التي لا تخفى على أحد وهي بلا شك تزيد من قوة جذب المستمع إليها، و لكن هل اضاف ذلك عدد المتابعين من الجيل الحالي و
السؤال المحوري هل الجيل الحالي مرتبط بالإذاعة القومية ارتباطاً يجعل ساعات متابعته اليومية كافية مقارنة مع وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي الأخرى؟ بالتأكيد لا، فالمتابع للاحصائيات (غير الدقيقة) يميز بكل سهولة أن وسائل الإعلام المرئية قد جذبت الشريحة الأكبر من المتابعين، وتركت قليل من الكيكة للاذاعات المسموعة.
اذا التحديات التي تواجه استمرارية وبقاء الإذاعة كبيرة تحتاج من القائمين على أمرها وضع رؤية تتناسب مع عجلة التطور المتسارعة الخطى، ولا شك أن تأثر إدارة الإذاعة بالوضع السياسي يجعلها ريشة في مهب الريح، فكلما تغير الوضع السياسي كانت الإذاعة هي اول جهة مستهدفة لإذاعة بيان (الاتقلاب) وبث الموسيقى العسكرية التي تعلن بداية عهد جديد يجب تغيير كل التفاصيل تبعاً لذلك.
في اليوم العالمي للإذاعة لهذا العام لا يفوتنا أن نشد على أيادي عمالقة الإذاعة من إداريين ومهندسين وفنيين ومذيعين افنوا زهرة شبابهم وعمرهم في التفاني لهذا الصرح العملاق، ونتمنى أن تقدم الإذاعة لهذا الجيل المادة التي تربطه اكثر بتاريخ وإصالة وحضارة وعمق بلده بالشكل المطلوب.
a_elsayid@yahoo.com