بالواضح
كتب : فتح الرحمن النحاس
مع فوران إنتفاضة أبريل ١٩٨٥، تصاعدت المطالبات بحل جهاز الأمن الوطني وكان الغريب أن (الصراخ الحاد) ظل يصدر من الذين أنشأوه مع بداية نظام مايو، فكان أن جاء الرد من المشير سوار الذهب رحمه الله: (نحن نريد أن نستفيد من الخبرات الأمنية في هذا الظرف السياسي الحرج الذي قد يفتح الباب أمام الإختراقات الإستخباراتية التي تضر بأمن البلد..).. لكن لم يأبه أحد لتحذيرات سوار الذهب وتم (حل) الجهاز وخسرنا الكثير من الكوادر (الأمنية الفاعلة)…إنها واحدة من (السنن السيئة) للسياسة السودانية، حيث ظللنا كلما صعد للسلطة نظام حكم جديد (سن سكينة) ونحر وأهدر الموارد البشرية التي يطلق عليها الآن مصطلح (رأس المال البشري) الذي يحقق الإستفادة من ثروات وإمكانيات البلد التي تمثل رأس المال الطبيعي..!!
(٢)
السياسة تقتل كل جميل..!!
=================
في الأنباء أن السلطات الرسمية شرعت في إنشاء جهاز جديد (للأمن الداخلي)، ولاندري من هذا العبقري الذي خرج علينا بهذه (البدعة) وأحيا سنة إهدار الموارد البشرية..فما هذا الترف (السياسي الأمني) الذي يجعل السلطات تسعي لإنشاء مثل هذا الجهاز في الوقت الذي نملك واحداً من أقوي (المنظومات الأمنية) علي نطاق العالم، ويتمتع بالقوة والتأريخ (العريق) والخبرات تناطح السحاب، وأدي أعمالاً أمنية بتفرد وكفاءة عالية لا يمكن حصرها في هذه المساحة الضيقة..فلا الذكاء ينقصه ولا المبادرات المدهشة..!!
(٣)
تفكيك ناعم للمنظومة الأمنية..!!
=================
فكرة إنشاء هذا الجهاز الجديد أشبه بمن يملك (بيتاً كبيراً أنيقاً) مكتمل التأثيث وتتوفر فيه كل المطلوبات، فيتركه ويذهب ويبني (راكوبة) ويسكن فيها…فإنشا الجهاز يثير (الريبة والشك) ويؤكد (مؤامرة) تفكيك الأجهزة الأمنية، فبعد أن فشلت بالباب يبدو أنها ستدخل من (الشباك)، لتحقيق أجندة سياسية (شيطانية وقمعية)، وهنا نسأل أليس من (الفشل السياسي) أن تكون ثمار الحرية الديمقراطية المرجوة صناعة (أجهزة قمعية) بدلاً من بناء مؤسسات الديمقراطية والحرية..؟!!
(٤)
إرهاق لميزانية الدولة..!!
=================
الأهم ..من أين يتوفر (التمويل) لهذا الجهاز..؟!! أمن خزينة الدولة أومالية جبريل التي (تعجز) عن دفع مرتبات العاملين والمعاشيين..؟!! وإن كان هنالك مال لماذا لايستخدم في إحداث المزيد من (التطوير) لجهاز الأمن القائم..؟!! وأليس من المخزي أن (نهمل) الكوادر والكفاءآت الأمنية ( المؤهلة والمدربة) تدريباً عالياً والتي صرفنا عليها (الأموال المهولة)، ونذهب للبحث عن عناصر جديدة لاتساوي شيئاً أمام المتوفرة من الأصل وستحتاج لزمن طويل حتي تصل ولو لنصف كفاءة القديمة..؟!! لاشئ يقال حول إنشاء جهاز جديد للأمن الداخلي غير كونه (قتل متعمد) لثروتنا الأمنية المتوفرة، وإهدار للمال العام وتلبية لطموحات وأجندة سياسية لاتخلو من (المغامرة) بمستقبل ومصير أمن سيادة السودان..فبالله عليكم كفوا عن هذا الخرف وتلك المغامرات..!!
سنكتب ونكتب…!!!