اعلانك هنا يعني الانتشار

أعلن معنا
الرأي

(الكتلة الديمقراطية والحلو) … خطوة لها ما بعدها ..!

الخرطوم: نادو نيوز

كتب : إبراهيم عربي

في إعتقادي أن الإعلان السياسي الموقع بجوبا بين الطرفين (الحلو والكتلة الديمقراطية) 23 فبراير 2023 ، تطورا طبيعيا لمجمل اللقاءات الثنائية التي تمت بين الحلو رئيسا للحركة الشعبية (شمال) والمكونات السودانية والقوي السياسية في البلاد بشأن البحث عن حل للمشكلة السودانية في ظل هذه الظروف المعقدة ، ولذلك جاء الإتفاق مرنا ولم يكن متشددا متلما سبق ، أخذ المفيد وترك ما مادونه من لت وعجن ، ليخرج بهذا الشكل الموضوع بين يدينا ..!، ولكنه بلاشك كان إعلانا سياسيا مفاجئا للساحة السياسية في البلاد لا سيما (الإطاريين ..!) .
فقد وقع جعفر الميرغني مع الحلو هذه المرة بإعتباره رئيسا للحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية وليس نائبا لرئيس الحزب الإتحادي الأصل فحسب ، رغم أنهما يحتفظان بإتفاق سياسي بينهما منذ أكثر من (أربعة) أعوام ، فالكتلة تضم عدة مكونات سياسية وحركات كفاح مسلح دارفورية لها وزنها ومكانتها تماما كما تشمل منشقين من الحركة الشعبية جنوب كردفان وآخرين مما يقرب المسافة لأكبر توافق سياسي بين المكونات السودانية لا سيما وأن الحلو نفسه يحتفظ بعلاقة خاصة وإتفاق قوي بينه والرفيق عبد الواحد نور الذي ظل ممانعا شكل صدمة وحيرة للمجتمع الدولي .
بدا واضحا أن الإعلان السياسي هذا جاء أكثر تنازلا ومقبولا مما سبقه من مذكرات ومعاهدات ومباحثات وإتفاقيات سابقة علي أقل تقدير في شأن العلاقة بين  الدين والدولة والأخيرة تشمل (الحكومة والمجتمع) ، والتي ظلت محل تمسك الحلو بجانب العدالة والمساواة ، فقد أقر الحلو لأول مرة بوجود الدين في حياة المجتمع ويعني ذلك إعادته للحياة العامة عبر إستفتاء ، علي أن تؤمن الدولة حرية العبادة وحماية مؤسساتها بطريقة متساوية .
وبل تجنب الإعلان الإشارة إلي العلمانية بصورة مباشرة وتقرير المصير نصا أو ربطهما ببعض ونصت عوضا عنهما ب(المبادئ فوق الدستورية) ، ويقول عنه خبراء قانونون إنه تعبير أدبي أكثر مما كونه قانوني ، وقالوا إنه قابل للمعالجة في إطار الدستور المرتقب ، ويبدو أن الطرفين إحتكما في ذلك لإرادة الشعب السوداني ، وفقا لتطبيقات نظام حكم لا مركزي في البلاد ، وهو جوهر الفيدرالية ومدخلا لكل إقليم للتعبير عن هويته حسب الغالبية مثلما هو ماثل في دستور إثيوبيا ، الذي يمنح حق تقرير المصير لكل إقليم ويترك لشعبه الخيار ، ويعني ذلك الإعتراف بالتنوع (عرقيا وثقافيا ودينيا) مع التمسك بتغيير في السياسات الاقتصادية، لتحقيق العدالة في توزيع السلطة والثروة ، فقد ركز الطرفان بصورة واضحة علي مخاطبة القضايا المستقبلية دون الإنزلاق خلف الفروع والخلافات .
وكذلك نص الإتفاق على مهنية القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى وإعادة بنائها وتحديثها وهيكلتها بعقيدة قتالية جديدة تكون مهمتها الرسمية حماية البلاد والمواطنين والدستور، وحدد بصورة واضحة دمج قوات الدعم السريع والحركات المسلحة في القوات المسلحة السودانية بلا إستثناء وفق جداول زمنية لضمان سلام مستدام، وبلا شك سيفصل الإتفاق الجداول الزمنية .
ولذلك يعتبر هذا الإتفاق بين الحلو والكتلة الديمقراطية أفضلها وبل تطورا طبيعيا لإتفاق (الحلو والميرغني) من جهة والحلو وجعفر من جهة ثانية ممثلا للحزب الإتحادي الأصل ، وقد جاء الإتفاق الأخير مرنا وأفضل مما سبقه بما فيها إتفاقيات الحلو مع عبد الواحد نور والحزب الشيوعي والتي وصلت مؤخرا لطريق مسدود لإختلاف في وجهات النظر .
وبل أفضل من إتفاق الحلو مع حزب الأمة (المهزلة) الذي وقعه المغمور الصديق مع عادل شالوكا مسؤول الشباب والطلاب بالحركة وقد خصم مع الأسف من رصيد الشيخ عبد المحمود أبو ويبدو أن وجود الرجل كان مجرد كمبارس لتمرير أجندة عرمان الذي أصبح يقود حزب الأمة من المقعد الخلفي ..!، وبل الإتفاق أفضل بلاشك من إتفاقيات الحلو مع تجمع المهنيين تقسيم المقسم الذي هندسه رئيسه السابق ومستشار الحلو حاليا الدكتور محمد يوسف أحمد المصطفي ، وكذلك أفضل من البيان الموقع مع مكونات جبال النوبة والتي تعتبر ذراعا للحركة الشعبية (الحلو) .
في إعتقادي أن الوصول لهذا الإعلان السياسي بين الحلو والكتلة قد سبقته عمليات إحماء وتمارين وباصات بينية (خطة الكوتش)، وبالطبع ليس إتفاقا نزل هكذا دون مطبخ ، أنا شخصيا أشتم من خلاله طعم طبخة ديفيد بيرلي مسؤول برنامج الغذاء العالمي الذي كرمه البرهان قبل (عشرة) أيام تقريبا بوسام النيلين وقد ظهر إسم الرجل لامعا في سماء السياسة السودانية منذ 2018 لا سيما وأن بيزلي حاز علي جائزة نوبل للسلام العام الماضي من خلاله جهوده المتصلة ودفاعه القوي عن فكرته (أن الطعام يقود للسلام ..!) .
وقد بدا تأثير ديفيد بيزلي واضحا في مشهد السياسة السودانية من خلال اتفاق المبادئ بين (البرهان والحلو) بجوبا قبل عامين تقريبا فرض من خلاله العلمانية فأثار جدلا كبيرا في الساحة السياسية ووصفناه حينها (إتفاق من وراء البحار ..!) وأيضا الرجل هو مهندس زيارة حمدوك الشهيرة للقاء الحلو بكاودا وتدشين حكومته العلمانية من هناك الذي إستفز بها الجيش فقال عنه الجنرال كباشي عطاء من لا يملك لمن لا يستحق ..!.
على كل اعتقد الإتفاق بين الحلو والكتلة الديمقراطية سيكون له تأثيراته المباشرة علي إتفاق الإطاري وبالطبع سيكون له مابعده علي العملية السياسية في البلاد .
الرادار .. السبت 25 فبراير 2023 .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى