الدوباي والحكاي
في ذكراه
تكتب : الطيب كنونه
تعرفنا عليه من خلال ما يقدمه من صور زاهية ومعبره ، تطوف بنا ربوع السودان الحبيب يتفاعل ويجتهد ويبحث وينقب ، طاف عدد من القرى والفرقان والبوادي ، زاده حب المعرفة والتواصل والتوثيق لعدد من النشاطات الفنية والإنسانية والتي تسهم في الربط التلقائي لمتذوقي الفنون الشعبية، والتي عرف بها إنسان تلك المناطق النائية، والتي لم تتضمنها جغرافيا السودان القديم والحديث، ورسالة الفن الشعبي لها مدلولها ، ولها ارتباطها وتقاليدها وعاداتها ، لم تكن تلك الجولات التي قام بها لزيارة تلك المواقع والالتقاء بعدد من رموزها ، شيوخها وشبابها رحلها وبواديها من ضرب التسجيل الإعلامي بل ساهم في التعريف القومي لفنون ارتبطت ومازالت في مخيلة أهل السودان، بجهده ومثابرته وحبه لبحثه عن تلك الفنون والصور الشعبية المختلفة، والتي توالت عبر ما يقدم من برامج مسموعة ومشاهدة ، ولعل تلك المعرفة والتي أرخ لها قد علت من رصيد الباحثين في التراث السوداني وبالذات الدوباي ، والدوبيت وأوزانه ووظائفه واصله وجغرافيته وطريقة أدائه في المناسبات ، ليس هذا فحسب أسس لثقافة تناول و معرفة الشاشاي، وأغاني النشيل، والكرامة والحماسة, والهدهدة، وأصول الجابودي والربع، والبوباي، والريق ، مختلفة الأوزان والمعايير وطريقة الأداء ، لم يتوقف إسهامه العفوي والعبقري على ذلك وضع اسمه في مكانه مرموقة، لكل باحث في تقاليد وسلوكيات الناس في السودان عبر تلك الاهزوجات والأغنيات الشعبية وشعر الحماس ، له عدد من الأعمال المرجعية في مؤلفات – المسيد-الشيخ فرح ود تكتوك -الانداية -الدوباي – ذاكرة القرية – بيت البكا والعديد من المساهمات في التراث الشعبي لقبائل السودان المختلفة بالإضافة إلي برنامجه المعروف بالتلفزيون القومي صور شعبية، والذي استمر لأكثر من 27عاماً دون توقف وأصبح مادة للتبادل مع عدد من الدول الاخري،وهذا البرنامج يمثل السودان المصغر ومرجعاً للأبحاث والدراسات الاجتماعية والمشاركات في العديد من المؤتمرات داخل وخارج السودان ، برحيله في يوم الثلاثاء 7/فبراير 2007م فقد السودان ابناً وفياً من أبنائه ومن الذين نالوا شرف الاجتهاد والمساهمة بالتعريف به ، اسم أصبح معلماً بارزاً في شئون الهوية السودانية، ومتكأ للعديد من الباحثين وهواة الفنون الشعبية .
الطيب محمد الطيب ذلك الإنسان الموهوب والمهموم بالتراث الشعبي السوداني ، تذكرك الأجيال القادمات دوماً وأنت رمزاً أصيلا في ثقافتنا ، وابن بلد عشت في تصالح مع الآخرين منادياً بوحدته وحوشه الكبير وصفاء إنسانه، واحترام موروثة، وثقافاته، وعمق رسالته الهادفة إلي توظيف إمكانياته، للخير والصحة، والعافية للزرع والضرع والفرح القادم .
إلي أن نلتقي .. .. يبقي الود بيننا
الطيب كنونه